سورة هود - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


{الر} أنا الله الرَّحمن {كتاب} هذا كتابٌ {أُحْكمتْ آياته} بعجيب النَّظم، وبديع المعاني ورصين اللَّفظ {ثمَّ فصلت} بُيِّنت بالأحكام من الحلال والحرام، وجميع ما يحتاج إليه من {لدن حكيم} في خلقه {خبير} بمَنْ يُصدِّق نبيَّه وبمَنْ يُكذِّبه.
{ألا تعبدوا} أَيْ: بأن، والتَّقدير: هذا كتابٌ بأن لا تعبدوا {إلاَّ الله}.
{و} ب {أن استغفروا ربكم} أَيْ: من ذنوبكم السَّالفة {ثم توبوا إليه} من المستأنفة متى وقعت {يمتعكم متاعاً حسناً} يتفضَّل عليكم بالرِّزق والسِّعة {إلى أجل مسمى} أجل الموت {ويؤت كلَّ ذي فضلٍ فضله} يؤت كلَّ مَنْ فَضُلَت حسناته على سيئاته فضله؛ يعني: الجنَّة، وهي فضل الله سبحانه {وإن تولوا} تتولَّوا عن الإِيمان {فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير} وهو يوم القيامة.


{ألا إنهم يثنون صدورهم} نزلت في طائفةٍ من المشركين قالوا: إذا أغلقنا أبوابنا وأرخينا ستورنا، واستغشينا ثيابنا، وطوينا صدورنا على عداوة محمد صلى الله عليه وسلم كيف يعلم ربُّنا؟ فأنزل الله تعالى: {ألا إنهم يثنون صدورهم} أَيْ: يعطفونها ويطوونها على عداوة محمد صلى الله عليه وسلم {ليستخفوا منه} ليتواروا عنه ويكتموا عداوته {ألا حين يستغشون ثيابهم} يتدثَّرون بها {يعلم ما يسرون وما يعلنون} أعلم الله سبحانه أنَّ سرائرهم يعلمها كما يعلم مظهرهم {إنه عليم بذات الصدور} بما في النُّفوس من الخير والشَّرِّ.
{وما من دابة} حيوانٍ يدبُّ {في الأرض إلاَّ على الله رزقها} فضلاً لا وجوباً {ويعلم مستقرها} حيث تأوي إليه {ومستودعها} حيث تموت {كلٌّ في كتاب مبين} يريد: اللَّوح المحفوظ، والمعنى: أنَّ ذلك ثابتٌ في علم الله.
{وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام} ذكرنا تفسيره في سورة الأعراف {وكان عرشه على الماء} يعني: قبل خلق السَّموات والأرض {ليبلوكم} أَيْ: خلقها لكم لكي يختبركم بالمصنوعات فيها من آياته؛ ليعلم إحسان المحسن وإساءة المسيء، وهو قوله تعالى: {أيكم أحسن عملاً} أَيْ: أَعملُ بطاعة الله تعالى. {ولئن قلت} للكفَّار بعد خلق الله السَّموات والأرض وبيان قدرته {إنكم مبعوثون من بعد الموت} كذَّبوا بذلك وقالوا: {إن هذا إلاَّ سحر مبين} أَيْ: باطلٌ وخداعٌ.
{ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة} إلى أجلٍ وحينٍ معلومٍ {ليقولَّن ما يحبسه} ما يحبس العذاب عنا؟ تكذيباً واستهزاء، فقال الله سبحانه: {ألا يوم يأتيهم ليس مصروفاً عنهم} إذا أخذتهم سيوف المسلمين لم تغمد عنهم حتى يُباد الكفر، وتعلوَ كلمة الإِخلاص {وحاق} نزل وأحاط {بهم} جزاء {ما كانوا به يستهزئون} وهو العذاب والقتل.
{ولئن أذقنا الإِنسان} يعني: الوليد بن المغيرة {منَّا رحمة} رزقاً {ثمَّ نزعناها منه إنَّه ليؤسٌ} مُؤْيَسٌ قانطٌ {كَفُور} كافرٌ بالنِّعمة. يريد: إنَّه لجهله بسعة رحمة الله يستشعر القنوط واليأس عند نزول الشِّدَّة.
{ولئن أذقناه نعماء...} الآية. معناه: إنَّه يبطر فينسى حال الشِّدَّة، ويترك حمد الله على ما صرف عنه، وهو قوله: {ليقولنَّ ذهب السيئات عني} فارقني الضُّرُّ والفقر {إنه لفرحٌ فخورٌ} يُفاخر المؤمنين بما وسَّعَ الله عليه، ثمَّ ذكر المؤمنين فقال: {إلاَّ الذين صبروا} والمعنى: لكن الذين صبروا على الشِّدَّة والمكاره {وعملوا الصالحات} في السَّراء والضرَّاء.


{فعلك تاركٌ...} الآية. قال المشركون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ائتنا بكتابٍ ليس فيه سبُّ آلهتنا حتى نتَّبعك، وقال بعضهم: هلاَّ اُنزل عليك مَلَكٌ يشهد لك بالنُّبوَّة والصِّدق، أو تُعطى كنزاً تستغني به أنت وأتباعك، فهمَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يدع سبَّ آلهتهم، فأنزل الله تعالى: {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك} أَيْ: لعظيم ما يَرِدُ على قلبك من تخليطهم تتوهَّم أنَّهم يُزيلونك عن بعض ما أنت عليه من أمر ربِّك {وضائق به صدرك أن يقولوا} أَيْ: ضائق صدرك بأن يقولوا {لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير} عليك أن تُنذرهم، وليس عليك أن تأتيهم بما يقترحون {والله على كلِّ شيء وكيل} حافظٌ لكلِّ شيءٍ.
{أم يقولون} بل أيقولون {افتراه} افترى القرآن وأتى به من قبل نفسه {قل فأتوا بعشر سورٍ مثله} مثل القرآن في البلاغة {مُفترياتٍ} بزعمكم {وادعوا من استطعتم من دون الله} إلى المعاونة على المعارضة {إن كنتم صادقين} أنَّه افتراه.
{فإن لم يستجيبوا لكم} فإن لم يستجب لكم مَنْ تدعونهم إلى المعاونة، ولم يتهيَّأ لكم المعارضة فقد قامت عليكم الحجَّة {فاعلموا أنما أُنْزِلَ بعلم الله} أَيْ: أُنزل والله عالمٌ بإنزاله، وعالمٌ أنَّه من عنده {فهل أنتم مسلمون} استفهامٌ معناه الأمر، كقوله: {فهل أنتم منتهون.}

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8